Quantcast
Channel: جنيف –صحيفة الخبر
Viewing all articles
Browse latest Browse all 44

اليمن والطريق الشائك إلى جنيف

$
0
0

الطريق إلى جنيف2 ليس سهلاً، بالنسبة للمعنيين بالأزمة الراهنة في اليمن، فدونه تحديات من بينها أن المتمردين الذين طالبوا الأمم المتحدة بإحياء دورها في رعاية العملية السياسية في البلاد، يتصرفون على الضد تماماً من هذه المطالب..

فالناطق باسم ميليشيا الحوثي، محمد عبد السلام، لا يزال يتحدث عما يسميه “مبادئ مسقط”، في صلف لا يمكن القبول به من هذا الطرف الذي لا يفقه شيئاً في السياسة، إذ يريد تحويل تصوره الخاص لحل الأزمة إلى مسودة مبادئ لم يتحاور معه بشأنها أحد، ولم يقرها حتى الجانب العماني الذي استضاف ممثلين عن المتمردين، ولم يتمكن من إقناعهم بالقبول بالنقاط الثمان التي تبنتها الحكومة، وحظيت حتى بقبول الوسيط العماني.

عبر الرئيس هادي عن قناعته بعدم جدية المتمردين في الذهاب إلى جولة مشاورات جديدة، وكان محقاً في ذلك، فهم لا يريدون حلاً يجردهم من سلطة الأمر الواقع التي فرضوها في صنعاء، وكل ما يريدون من هذه المشاورات أن تبقيهم في واجهة الأحداث وتغطي على عملياتهم الميدانية اليائسة التي تريد أن تعيد فرض سيطرتها أو الإبقاء على الأراضي التي تسيطر عليها.

كان الرئيس هادي يعبر عن قناعته تلك للسفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر، الذي يمثل أحد أنشط السفراء الغربيين الذين يواصلون التشاور مع الحكومة الشرعية ويحاولون إقناعها بالذهاب إلى مشاورات قد تعيد البلاد إلى خط التسوية السياسية.

بدا من تصريحات المتحدث باسم الحوثيين، أن ما يريدونه هو نسف شرعية السلطة الانتقالية، ابتداءً، وذلك بما يسمح بتحويل الجميع إلى أطراف في صراع، المتمردون هم من يمتلك أهم أدواته وهي القوة العسكرية التي ورثوها من الدول اليمنية ومن الجيش الذي كان محسوباً على هذه الدولة، وهذا أمر مرفوض.

ومثلما فشلت جولات الحوار التي عقدت بصنعاء بإشراف المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بنعمر في جر البلاد إلى تسوية تقوم على أساس نسف النظام الانتقالي، لا يمكن للانقلابيين أن يعيدوا البلاد إلى حالة انعدام السلطة، ليكون البديل هو سلطة الأمر الواقع وسلطة العصابة.

لا أشك لحظة واحدة بأن التحالف العربي يمكن أن يساوم على الأهداف التي دخل من أجل تحقيقها على خط الأزمة اليمنية، فالأمر لم يعد يقتصر على إعادة السلطة الشرعية، وإنما أيضاً بإنهاء الأسباب المباشرة لأزمة اليمن وهو الانقلاب الفاشل الذي نفذته عصابة منفلتة وطائفية ومرتبطة بالأجندة الإيرانية.

الخطر الذي تشكله هذا العصابة لا يهدد حياة اليمنيين وأمنهم واستقرارهم وإنما أيضاً أمن واستقرار المنطقة، خصوصاً وأن الأجندة الطائفية لإيران هي من يحرك المليشيا الحوثية ويسعى إلى تحويل اليمن إلى منصة لتصدير الفوضى والعنف وعدم الاستقرار للمحيط الإقليمي.

في الواقع لست متفائلاً من إمكانية انعقاد جولة مشاورات جديدة أو نجاحها إن انعقدت، فكل المؤشرات لا تدل على ذلك أبداً، ولأن المعركة العسكرية تمضي بوتيرة عالية، بما يجعل من مسألة الحسم العسكري خياراً ثابتاً في الأزمة اليمنية.

لا يمثل القضاء على الحوثيين تصرف ضد المنطق، بل هو المنطق عينه، فهذا الفصيل الطائفي المتشنج والمسلح، يتغذى من حقد تاريخي قديم، وليس معنياً لا بالتسوية السياسية ولا بالعيش المشترك، ولا باحترام العقائد والأنفس ولا حتى بالهوية الوطنية.

فالشعب اليمني يستعصي على التصنيف الطائفي أو الجهوي، ولهذا هناك حاجة ماسة لاستئصال هذا السرطان الخبيث، وتلك مهمة لا تنجزها إلى القوة وليست المشاورات.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 44

Trending Articles